الثلاثاء، 8 فبراير 2011

لماذا يجب أن يتنحّى الرئيس فوراً؟


إذا كنت مصاباً بضعف الذاكرة لأنك لا تكثر من أكل المكسرات، أو لم تكن مقيماً معنا طيلة الثلاثين سنة الماضية، أو لأنك تحتاج لمن يذكرك لأن الذكرى تنفع المؤمنين، فدعنى أنقل لك إجابة بديعة على هذا السؤال من خلال مقال أرسله إلىّ الشاعر والروائى عمرو حسنى صاحب الرواية البديعة (تنفس صناعى)، وقد كنت أتمنى أن أنشر صورته مع المقال لكننى تذكرت أن صديقى عمرو يشبه ممثلا إيرانيا يظهر فى أفلام عباس كياروستامى والأدهى أن لديه سكسوكة فى ذقنه، وبالتالى قررت ألا أمنح عساكر أنس الفقى فرصة لاستخدام صورته فى تشويه الثورة، وأكتفى بنشر مقال عمرو حسنى على أمل أن تعم الفائدة وتزول الغُمّة:
«أعرف أننى شاعر وقاص لا يجيد التنظيرات والتحليلات السياسية، كما أننى لا أريد أن أثقل عليكم بما ينتابنى من مشاعر عاطفية غريبة، تجعلنى أتمنى لو أننى تمكنت من العودة بالزمن لأقنع جدى لكى يختار اسماً مختلفاً لأبى!
لكننى سأدع العواطف جانباً لكى أتمكن من التعامل بهدوء وعقلانية مع البعض ممن يطلقون دعوات للتسامح مع الرئيس ويقولون: لماذا لا يقبل الشباب بالتنازلات التى قدمها لهم؟ لم لا يمنحونه بضعة أشهر قليلة؟ لماذا يصرون على تنحيته بتلك الطريقة المهينة التى لا يقبلونها لآبائهم؟ ولماذا لا يعودون إلى منازلهم لكى يمنحوا عمر سليمان وأحمد شفيق فرصة للبدء فى الإصلاحات التى أقر سيادته بها؟
وللرد على ذلك أقول أولاً إن التنازلات التى قدمها الرئيس بالامتناع عن الترشح والتوريث وتعديل الدستور والقبول بأحكام القضاء ببطلان عضوية كثير من نواب الحزب الحاكم بالمجالس التشريعية، والتخلى عن سياسة الزج برجال الأعمال لتسيير شؤون البلاد وتغيير قيادات الحزب الوطنى، هى بمثابة اعتراف منه بالجرائم التى ارتكبت فى حقنا بمباركته طوال ثلاثة عقود، بدءاً من القمع والديكتاتورية وتزوير إرادة الشعب وصولاً إلى الفساد والنهب المنظم لثرواتنا.
ولا أريد أن أقول إن المطالبة بالتسامح فى هذه الحالة تعد نوعاً من البلاهة، لأنه لا حق لأحد فى التسامح فى جرائم ارتكبت فى حق الوطن، فالقاعدة القانونية البسيطة تقول: إنك لا تملك حق التسامح فيما لا تمتلكه بمفردك. ثانياً أن العواطف الرقيقة والتسامح الأبوى لا مكان لهما فى العقد الاجتماعى الذى يحدد العلاقة بين الحاكم والمحكومين. وإذا افترضنا وجودهما جدلاً أو تجاوزاً، فأين اختفت مشاعر الأبوة تلك من قلب فخامة الرئيس (الأب) حين أصدر أمراً مباشراً لزبانيته باغتيال (أبنائه)، تارة بإطلاق الرصاص الحى لتفريق تظاهراتهم السلمية، وتارة أخرى بإطلاق البلطجية الذين يلقون بقنابل المولوتوف، ويستخدمون الأعيرة النارية لتصفية (أبنائه) المعارضين!
بعد كل ما سبق لا يسعنى إلا أن أقول مخلصاً، إن رحيل مبارك ونظامه القديم أصبح ضرورة لا بديل عنها، لأن بناء دولة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية التى تمهد لقيام مصر الجديدة، لا يمكن أن تستخدم فى بنائها ذات الأحجار التى شُيدت بها دولة الديكتاتورية البوليسية القديمة، بل يجب علينا إزالة البناء القديم بأكمله أولاً، واقتلاع أساساته التى تختفى تحت الأرض، منذ عهد الاتحاد الاشتراكى وحزب مصر وصولاً إلى الحزب الوطنى، وذلك لكى يتسنى لنا الحلم بمستقبل أفضل، يتيح إقامة بناء لا يصبح عرضة للانهيار عند أول هزة أرضية تقوم بها عناصر الثورة المضادة.
 أما عن أولئك الذين يطلون علينا من آن لآخر على الشاشات ليقولوا لنا إن التظاهرات المليونية التى نقوم بها ليست كافية لإزاحة الرئيس عن كرسى الحكم، بدعوى أن بقية ملايين الشعب لم تقل كلمتها فى ذلك الأمر! فلهم نقول: لماذا لم يخرج علينا مؤيدو مبارك بالملايين أو بمئات الآلاف كما خرج معارضوه؟ ما الذى منعهم؟ فبعدما اختفت أعمال البلطجة التى أطلقتها قوى الحزب الوطنى ورجال الأعمال أتيحت الفرصة لجموع الشعب للتعبير عن رأيها فى تظاهرات سلمية طوال يوم جمعة الرحيل، لم يشارك فيها مؤيدو بقاء الرئيس ومحبوه سوى بآلاف هزيلة هنا أو هناك.
لذا نقول لهم: ألا يعد ذلك تعبيراً كافياً عن مكانة نظامه الحقيقية فى الشارع المصرى؟ أوَلَمْ تكن نسبة المتظاهرين فى القاهرة وحدها تقترب من خمسة آلاف مؤيد مقابل مليونين أو أكثر من الرافضين؟ أى أنها كانت نسبة (١: ٤٠٠ ) مؤيد واحد مقابل أربعمائة رافض! (ليسمح لى عمرو أن أضيف إلى إجابته نقطة أخرى هى أن الحزب الوطنى المبارك ظل يحكمنا بأقلية من الناخبين فى انتخابات مزورة مطعون فى شرعيتها، وكان يقول إن الذى يتخلى عن حقه فى المشاركة لا حق له فلماذا أصبح مهتماً الآن بفكرة الأعداد والأرقام).
فى النهاية أقول للرئيس مبارك إن أمامه فرصة لكى يذكره التاريخ كقائد تنازل عن السلطة من أجل دخول بلاده إلى عصر الديمقراطية، كما أتوجه إلى شعبنا العظيم بألا يضيق ذرعاً بإصرار شبابه المخلص المدهش الذى يقف صامداً فى ميدان التحرير، لأننى حين أستمع إلى تلك الأصوات التى تطالبهم بالعودة إلى ديارهم، بدعوى أن أحوالنا الاقتصادية صارت لا تحتمل المزيد، أشعر بأننا صرنا قوماً لا يريدون الخير لأنفسهم وبلادهم، وأقول لأصحاب تلك الأصوات: استمروا أيها السادة فى حياتكم اليومية بعيداً عن ميدان التحرير. لا أحد يمنعكم. لا تكونوا عبئاً على أكتاف قوى التغيير التى تعمل من أجلكم ومن أجل أبنائكم.
اذهبوا إلى أعمالكم ودعوا الطليعة الشبابية تقوم بدورها. فقط دعونى أذكركم أيها المتذمرون بالمثل المصرى البديع الذى يقول: وجع ساعة ولا وجع كل ساعة. واسمحوا لى أن أقول لكم أيضاً بأعلى صوتى: هذا واحد من أفضل الأجيال فى تاريخ مصر الحديثة، إن لم يكن أفضلها على الإطلاق، فاتركوه يحقق لبلادنا ما عجزت عن تحقيقه عشرات الأجيال الخائبة من قبلهم».

السبت، 5 فبراير 2011

أزهى عصور المولوتوف


أمر مثير للقرف والاشمئزاز ذلك التواطؤ الإعلامى السافر (بالراء واللام معا) الذى يمارسه فريق الخلايا الأمنية النائمة فى العديد من وسائل الإعلام المشمومة، والذين يستميتون فى تسويق وهم أن الذين يتظاهرون فى ميدان التحرير من أجل حرية المصريين وكرامتهم هم أعضاء فى تحالف شيطانى إخوانى إيرانى قطرى إسرائيلى أمريكى حماسى، ولم يعد ينقص سوى اتهام كوريا الشمالية لكى تكتمل أضلاع محور الشر. فى الماضى كنا نناشد أمثال هؤلاء أن يراجعوا ضمائرهم، لكن الأيام الأخيرة كشفت عن خطلنا وهطلنا لأننا تصورنا أنهم يمتلكون ضمائر أو معايير مهنية أو حتى ذكاء سياسيا يخدمون به أسيادهم ببراعة، ولذلك لا أنشر الشهادة التالية من أجلهم، بل من أجل الطيبين أو اليائسين أو الزهقانين الذين تأثروا بحملات التحريض التى كان هؤلاء الإعلاميون يمارسونها أغلب ساعات اليوم قبل أن يتركوا مواقعهم لميليشيات القنص والبلطجة لكى تطلق الرصاص على العزل أثناء نوم الذين تأثروا بتلك الحملات الملعونة، ثم يصحو أولئك الإعلاميون والصحفيون فى الصباح لكى يشتموا الذين كانوا يتعرضون للقنص والاستهداف طيلة الليل لأنهم يرفضون دعوات الحوار.







الشهادة كتبها من قلب ميدان التحرير الدكتور نبيل بهجت، أستاذ المسرح بجامعة حلوان، والكاتب والمخرج المسرحى ومؤسس فرقة ومضة، كما أنه الذى قام بجمع الأعمال الكاملة لشاعر الشعب بديع خيرى، والشاعر المصرى العظيم يونس القاضى، ويقوم حاليا بجمع الأعمال الكاملة لبيرم التونسى، هذا إذا كتب الله له النجاة من المذابح التى ترتكب كل يوم ويقوم الإعلام بالتعتيم عليها، وبرغم كل ما يمارسه الدكتور نبيل من أنشطة فنية وثقافية رفيعة فإنه فى لحظة الحقيقة انحاز إلى شعبه وأدرك أن الوجود فى ميدان التحرير دفاعا عن مطالب الشعب المصرى العادلة هو جوهر الثقافة والفن معا، وأن المثقف التنويرى ليس هو الذى يقبل أن يكون صاحب منصب يصعد به على جثث الشهداء كما فعل الدكتور جابر عصفور، بل المثقف التنويرى من ينشر البهجة فى قلب الخوف، ويقاوم الهمجية بالفن.
يقول الدكتور نبيل بهجت فى شهادته الخطيرة التى نتمنى أن نضمها قريبا إلى وقائع التحقيق فى المحكمة الجنائية الدولية: ما حدث يوم الخميس الثانى من فبراير عام ٢٠١١ ضد المصريين المتظاهرين سلميا فى ميدان التحرير وسط القاهرة هو جريمة بشعة استندت إلى مخطط شيطانى نقدم لكم هنا توثيقا لها. فى مساء الثلاثاء توقع البعض أن ينخفض عدد المتظاهرين فى الميدان نسبيا بعد مسيرة المليون التى وصل تعدادها إلى ما يزيد على الخمسة ملايين تقريبا، وبالفعل جاء الأربعاء لينخفض العدد ونفاجأ عند الصباح ببعض الأشخاص يقفون عند بوابات الدخول يهتفون لمبارك ولقد شعرت بالأسى عندما تأملت وجوه مؤيديه وأشكالهم، وأدركت كيف سكب الماء على جبل من الرمل يدعى تاريخه عندما استعان بهولاء المأجورين لكى يمثلوه، مر اليوم وبدأنا نسمع فى الثانية عن أنباء تجمع لبضع مئات عند ميدان عبدالمنعم رياض،
كنا فى البداية نظنهم جاؤوا للتظاهر والتشويش، ولكنهم بدأوا الاحتكاك بنا بالسباب، وتلا ذلك فى تمام الثانية والنصف تقريبا جلبة وأصوات قرع سياط وفوجئنا بالبلطجية فوق الخيول والجمال يحملون السنج والسياط والعصى، لتعود الهجانة التى كنا نراها فى الأفلام وهى تضرب الناس بالسياط، نالنى أحد سياطها، ولكن بعد فترة وجيزة سيطر الشباب على أحد هؤلاء وأخذوا منه حصانه فدب الخوف فى قلوب رفاقه وتراجعوا، هكذا كان المشهد الأول من الاحتكاك المباشر، احتمى الشباب بعدها ببعض العربات واضطروا لكى يصنعوا من ألواح الصاج التى كانت تستخدمها المقاولون العرب فى موقع البناء حائطا متحركا لصد هجوم بلطجية الرئيس الذين جاؤونا مؤيدين بالسنج والجنازير والسياط والأسلحة البيضاء.
بعد هذه الهجمة تراجعوا وتجمعوا ليوحدوا صفوفهم وكأنها الحرب، وتشكلت لدينا الخطة سريعا فنحن عزل ولابد لنا من دفاع عن النفس، وأوحوا إلينا بالسلاح عندما أخذوا يهاجموننا بالحجارة، إنها الحجارة، فلم يكن لنا بد لكى ندافع عن حياتنا سوى استخدام بلاط الميدان وتكسيره إلى قطع صغيرة بعد تشكيل مجموعات عمل سريعة لتكسير البلاط وأخرى لحمله ودفعه للرماة، وفريق استطلاعى يرصد تحركات مجموعات مبارك، وأخرى توزعت على المنافذ السبعة للميدان على مستويين يفصل بين كل منها قرابة ٣٠٠ متر.
كل هذا حدث فى أقل من لحظات، بدأ الشباب يتراصون فى صفوف متتالية، يحضن بعضه البعض بصدور عارية، وكأنها قصيدة الكعكة الحجرية لأمل دنقل تتشكل أمامى واقعا بيد الشباب المعتصمين. بدأ الوقت يمر علينا وزحف الظلام فكانت الفكرة الأولى استدعاء الناس إلى الميدان، لكن كيف وحظر التجول قد بدأ فرضه من الثالثة عصرا وحتى الثامنة صباحا، لم يكن لدينا خيار سوى الدعم المعنوى لبعضنا البعض فأخذنا نشيع عن وجود مظاهرات مؤيدة تزحف إلينا وبالفعل حدثت مسيرة داخلية لتقنع المرابطين بأن المدد وصل وارتفعت معنويات الناس وبدأنا فى وضع المتاريس لحماية أنفسنا منهم، فقد بدا عليهم احتراف الإجرام لما يحملونه من سنج وسيوف ومطاوى كانت فى أيديهم ساعات الهجوم وهتفنا جميعاً (...اتجنن).
كان الاشتباك الأول عند ساحة المتحف وللأسف بدأ فعلا بالإضرار بأطرافه التى تم إلقاء قنابل المولوتوف عليها، ذهبنا إلى الجيش لنناشده حماية المتحف من هؤلاء، فبدأ الجيش حماية شوارع الجامعة الأمريكية وطلعت حرب وقصر العينى بشكل ساعد المتظاهرين على تخفيف الضغط عليهم. بدأنا ننتقل من شارع إلى آخر، وشاهدت بسالة لم أر لها نظيرا، كان البعض يطرق على الحديد ليحدث أصواتا كإشارات لتجمع الشباب عند منفذ معين، وكأنهم يوقظون الموتى من جديد ينفخون فيهم الروح، يقولون ها نحن أبناؤك يا مصر جئنا إليك نجدد ملحمة، وفى الوقت الذى كنا نعانى تحت الضغط ونبتكر الحيل لدفع البلطجية عنا، بعد أن أنهكنا التعب، كان هناك مذياع يذيع أحاديث الإذاعة الرسمية البالية عن دعاة الشغب، كان الإعلام الرسمى يقول بكل وقاحة ان الموضوع يتلخص فى مجموعتين من البلطجية تتصارع على الميدان، وكان بعض المراسلين فى البرامج الفضائية يضللون الرأى العام ويزعم بعضهم أن بيننا إيرانيين وأفغان وباكستانيين، مع أنه لم يكن بيننا من أجانب إلا بعض مراسلى وكالات الأنباء الأجنبية فمن أين جاؤوا بالحديث عن تلك الوجوه، قال الكثيرون فى تلك الوسائل الإعلامية إننا إخوان فى الوقت الذى كنت أرى بعينى وسط المعتصمين مثقفين وفنانين وأساتذة جامعة أعرف مواقفهم ضد الإخوان، كل هذه الاكاذيب كانت محاولة منهم لتجييش الرأى العام العالمى ضدنا باستخدام الإسلاموفوبيا لتعطيهم أمريكا إشارة بسحقنا، وللأسف فإن برامج شهيرة وصحفاً كنا نظنها محترمة غيرت من لهجتها فى دعم ثورة الشباب، وهو ما يجعلنا نتساءل هل فعلا تم تهديد ملاك تلك القنوات والصحف بفتح ملفاتهم فحدث ما حدث من تخاذل وانحياز.
لقد وصفنا الإعلام الرسمى بالبلطجية فهل عضو المجلس الأعلى للثقافة وعضو اتحاد الكتاب وعضو نقابة المهن التمثيلية والأستاذ الجامعى والمسرحى بلطجى، والطبيب الذى كان بجوارى بلطجى والشاعر الذى لم أره منذ سنوات وتقابلنا سويا ونحن ننحنى لالتقاط الأحجار بلطجى، ومدير إحدى أهم شبكات المعلومات بلطجى، وأعضاء هيئة التدريس بلطجية، والمهندسون والأزهريون والقساوسة والمحامون والأطباء الذين جهزوا مراكز لإسعافنا بلطجية، وشباب الجامعات بلطجية. ولماذا صمتوا عن بلطجية الرئيس الذين استخدموا ضدنا أمس قنابل المولوتوف والقنابل المسيلة للدموع .. وفريق من الهجانة وأخيرا الرصاص الحى، كان بلطجية الرئيس قد كسروا أبواب العمارات المغلقة المواجهة للمتحف المصرى واستخدموها لإمطارنا بقنابل المولوتوف والحجارة، ولكننا كنا مصرين على الصمود والدفاع عن أنفسنا، وبعد فترة تمكنا من التقدم والقبض على البلطجية المتمركزين فوق العمارات وتم احتجازهم دون إيذائهم، وسيطر المتظاهرون على كل المواقع التى استولى عليها بلطجية الرئيس من أسطح المنازل، واحتجزنا منهم ما يقارب من ١٥ فرداً، وكان مثبتا فى بطاقات هويات بعضهم أنهم رجال أمن، أما الآخرون فكانوا من البلطجية معتادى الإجرام، حتى أنه كان واضحا جدا أنهم قد تناولوا مواد مخدرة أثرت على وعيهم بشهادة بعض الأطباء الذين تواجدوا بالميدان، واعترف هؤلاء بأنهم قد تم تأجيرهم من قبل بعض نواب مجلس الشعب بوجبة غذائية وبمبالغ تتفاوت بين خمسين ومائتى جنيه، وقد أخذنا بعض الدراجات البخارية لهؤلاء فاعترف بعضهم بالاستيلاء على إحدى الدراجات البخارية التى تنتمى للحرس الجمهورى وعلى عربة شرطة.
بعدها اشتدت المواجهات واستطاع المتظاهرون تطهير ميدان التحرير من أعوان مبارك من أمناء الشرطة والمرتزقة والسيطرة عليهم، وكنا إذا سيطرنا على أحدهم بعد نفاد ذخيرته تعلو الصيحات من بيننا (محدش يضربه ثورتنا ثورة سلمية سلمية)، حتى بعد أن سقط منا البعض بالرصاص الحى الآتى من فوق الكوبرى كان بعضنا يلتف حول من يقبض عليه منهم كسياج لحمايتهم من الغاضبين، ونتيجة لهذه الهجمات بالرصاص والمولوتوف وقع مئات الجرحى من المتظاهرين، ولم يعد المستشفى الميدانى الذى أقيم فى أحد المساجد القريبة كافيا لاحتواء المرضى وعشرات الأطباء المتطوعين، فقام الأطباء بإقامة مستشفى ميدانى فى قلب مكان المواجهات بجوار المتحف المصرى. وبعد ١٢ ساعة من المواجهات، فر الهاربون منهم فوقفوا على كوبرى أكتوبر بمواجهة عبدالمنعم رياض، وحوالى الساعة الثالثة صباحا دوت أصوات عدة طلقات قبل أن تصيب العزل، فهرول المتظاهرون يحملون المصابين بالأعيرة النارية فى الرأس والبطن والأقدام، وبعدها سمعنا طلقات نارية على أوقات متفرقة إحداها طلقات متتالية ربما يكون مصدرها رشاشاً آلياً، وفى تلك اللحظة توجه المتظاهرون لكتيبة الجيش التى كانت تتمركز عند المتحف ولم تبد أى استعداد للتدخل عدا إطفاء بعض الحرائق التى كانت تشعلها قنابل المولوتوف التى كان يلقيها أنصار مبارك من أسطح الأبنية ومن كوبرى أكتوبر، اتجه بعضنا إلى هذه الكتيبة وبدأوا بالتفاوض معهم ليطلقوا ولو طلقة واحدة فى الهواء، وصرخ فيهم البعض أعطونا أسلحتكم نحميكم ونحمى انفسنا، هنا تدخل الجيش بعدها وسيطر نسبيا على الموقف بعد ان أصابت طلقات مؤيدى مبارك حوالى ٢٢ فرداً سقط منهم قرابة ٦ شهداء وظلت فلول منهم تحاول إنهاكنا بالإشارات البذيئة تارة أو بقذف الحجارة وكنا نعلم أنها محاولة لإنهاكنا، فهم كما تأكدنا من هويات الذين قبضنا عليهم ليسوا سوى رجال أمنه الذين أخفاهم فجأة وعادوا إلينا فى زى مؤيديه.
لقد سطر الشباب بدمائهم يوم الخميس يوما بطوليا من بطولات هذا الشعب الذى حاول مبارك وأعوانه طمس ملامحه على مدار ٣٠ عاماً، كان الشاب يُجرح فيذهب إلى إحدى نقاط الإسعافات الأولية يداوى نفسه ويستريح دقائق يجفف دماءه ويعود بعدها للمواجهات، لم يخرج أحد منا دون جرح وكنا نسخر ونقول (من غرزة لعشرة متعتبرهوش مجروح) لم يؤثر فى نفسنا إلا قتل بعض المتظاهرين بدم بارد عندما أطلقوا الرصاص الحى على صدورهم ورؤوسهم. أخيرا استقبلنا الفجر وكأنه زائر عزيز وجاء نور الصباح ليملأنا أمل بأن المتظاهرين سيأتون إلينا وقد وفينا لهم ولمصر بوعدنا أن أعوان مبارك لن يأخذوا الميدان إلا على أجسادنا. بدأنا نراهم وكأنهم نبضات أمل تأتى إلينا يحملون معهم طعاما ودواء وكل ما نحتاجه، جاؤوا ليتسلموا مواقعنا وقد وفينا لهم بما وعدنا ونشير إلى جروحنا فى سخرية ويردد بعضنا (هذا هو مفهوم مبارك للانتقال الآمن للسلطة)، ليجىء الصباح ومعه نداء واحد (حاكموا الذين أطلقوا الرصاص على الأبرياء، ومن أمرهم بذلك، ومن سكت على ذلك).

مصر يا حرة وأبيه

 
يا صباح الخير بلادى
فى الجبال و كل وادى
قاهرة وإسكندرية
و السويس لما تنادى
*******
مصر يا حرة وأبيه
يا صبية ويا عفية
جم ولادك دقوا بابك
جاى يضحى بروح رضية
*******
كنا بنقول دا الصغير
لأ دا واعى جاى يغير
راح على التحرير يقولها
لأ لظالم لا لمزور
*******
الشباب الأسمرانى
قال دى أرضى و دا زمانى
جاى أزرع فى بلادي
و اجنى زرعى الأخضرانى
*******
المرض جهل وبطالة
محسوبية و العمالة
كل دا والحلم عايش
والأمانى مش محالة
*******
قوم يا شعب و صون حقوقك
صرخة الحرية طوقك
كمِّل المشوار وواصل
فِكْرك الواعى شروقك
*******
قولها كلمة وبكرامة
دم أخوك علِّم علامة
انتصر له طفِّى نارة
قول يا ماضى بالسلامة
*******
اوعى لا يخونك حصانك
بالأصول حقق قرارك
الرئيس لو كان هيرحل
برده حارب يوم و صانك
*******
الوفاء و العفو شيمتك
دا انت مصرى من شهامتك
كلنا بيصيب و يخطأ
بس مش ترجع لصمتك
*******
لو ركبت الموجة آسف
بس كنت جبان و خايف
بس مصرى لى حلى
كنت غايب بس شايف

الأربعاء، 2 فبراير 2011

يامصر هانت وبانت كلها كام يوم

 
يامصر هانت وبانت كلها كام يوم
نهارنا نادي ونهار الندل مش باين
الدولة مفضلتش منها إلا حبة شوم
لو مش مصدق تعالي علي الميدان
عاين ياناس مفيش حاكم إلا من خيال محكوم
واللي هيقعد في بيته بعدها خاين
اللي هيعقد كأنه سلم الثانين
لأمن وقاله هما ساكنين فين
وصلت لضرب الرصاص علي الخلق في الميادين
حتى الجثث حجزوها اكمنهم خايفين
يامصر أصبحنا أحياء وميتين مساجين
فاللي هيقعد في بيته يبقى مش مفهوم
واللي هينزل الهي حارسه صاين
يامصر هانت وبانت كلها كام يوم
نهارنا نادي ونهار الندل مش باين
نهارنا نادي وبأيدينا علي فكرة
الصبح عنده فضول راح نعمل إية بكرة
إيده علي الباب وخايف يلمس الأكرة
ادخل ياأستاذ براحتك والبلد حرة
إحنا زهقنا نشوف الصبح من برة
ادخل وخرج بقايا العتمة من برة
الناس ديه حرة وجنود الأمن مضطرة
ياصبح طلعت روحنا لجن تيجي ياخي
طالعين نجبيها أهوا فى كل حارة وحر
حتى لو ضربونا بالرصاص الحي
شوف الميادين كدة مفروشة خلق وضي
دايما مفاجأة ودايما وقتها معلوم
الحكم لينا وليك الحق يامداين
يامصر هانت وبانت كلها كام يوم
نهارنا نادي ونهار الندل مش باين
ياصف عسكر بدل الدرع شيلوة اثنين
25 يناير ياشباب فاكرين
كان فيه انجليزووزير الداخلية تخين
كان عنده برده عساكر زيكم جامدين
سابهم يموتوا علولا لو سأل فيهم
كانوا شبهكم اساميكم اساميهم
ياعسكري البهوات اللي بتحميهم
ممكن يردوا عليك لما تناديهم
ياعسكري أنا أصلي بس بستغرب
لو لاقي تأكل وتشرب قوم ياعم اضرب
اضرب عشان الوزير من ضربتك يطرب
لكن هتشتغل اية لما الوزير يهرب
أما الشديد القوي القادر أبو القادر
برميل تلامة نشر علي مصر من الآخر
لو شفته معددة تكتب ادب ساخر
ثابت يقول للهرم ياكابتن اتاخر
ولم يزل معتقد ان الهرم هيقوم
ادي الحجر والبشر قايمين ياسيدي القوم
والدين هيترد ياللي عشت متداين
يامصر هانت وبانت كلها كام يوم
نهارنا نادي ونهار الندل مش باين
ده حكم أسرة ولا خوفو ولا خفرع
ولا وجع بطن يتعالج بزيت خروع
عمل مسوكر بعيد عنك ولايطلع
جربنا فيه كل شىء ملقينا شىء ينفع
منفعش بالأدوية جربنا ألف طبيب
ولا بعطارة شيوخ ليهم بلح وزبيب
ولا بجحفل مغولى وضرب بالقباقيب
عمل مسوكر وسفلي شغل تل أبيب
وشغل أمريكا متغلف وختمة عليه
ضيف زارنا ياعم من غير دعوة لابس بيه
قاعد 30 سنة ومبيقولش قاعد لية
والنية مديها لابنه النابغة بعديه
ويقول قضا وقدر بين البشر محتوم
قولناله طيب ومين قال للقدر معلوم
واش عرفك يافخمتك بالذي كان
يامصر هانت وبانت كلها كام يوم
نهارنا نادي ونهار الندل مش باين