«عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج على الناس حارقاً نفسه»، عبارة صادمة لا أدرى هل كان سيدنا «أبوذر الغفارى» سيقولها لو كان حياً بيننا الآن بدلاً من قولته الشهيرة «عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه»؟. ربما لم يقلها فقد كان رضى الله عنه رجلاً مؤمناً يعرف أن الانتحار يأس واليأس كفر، ولذلك لعله كان سيتمسك بشهر السيف بأشكاله الدستورية المعاصرة من إضرابات واعتصامات ومظاهرات وعمل سياسى وكلها بدائل أكثر فاعلية ونجاعة من حرق النفس.
وبالتأكيد كان شيوخ الدولة سينعقدون بكامل هيئاتهم لكى يصدروا بياناً لإدانة منهج أبى ذر التحريضى، وشجب خروجه على الحاكم، ودعوته للالتزام بطاعة أولى الأمر بدلاً من إثارة البلبلة وتهييج الجماهير وإيقاظ الفتنة. لم يكن فى أيام أبى ذر مجامع حكومية للإفتاء، لكن كان هناك مستفيدون من الأوضاع القائمة، ومستغلون لأطهر النصوص فى خدمة أحط المقاصد، وأولئك هم الذين نفوا أباذر وحققوا فيه نبوءة سيد الخلق، صلى الله عليه وسلم «يعيش وحده، ويموت وحده، ويُبعث يوم القيامة وحده»، وأمثالهم فى أيامنا هم الذين يتشطرون على الراغبين فى الانتحار حرقاً، ويصمتون عن الذين دفعوهم إلى الانتحار.
«هل أنا مع الانتحار؟».. سؤال ستعاجلنى به الآن، طيب يا سيدى، سأجيبك بحكاية، منذ عشرين عاماً كنت طالباً فى السنة الجامعية الأولى، مرت علىّ أيام وليال لم أكن أملك فيها قوت يومى بعد أن نفدت مدخراتى وتقطعت بى السبل، ومع ذلك لم أفكر فى الخروج على الناس حارقاً نفسى ولا شاهراً سيفى، لماذا؟ لأنه كان لدىّ أمل يعصمنى من الكفر، عشت ليلتين لا أجد ما آكله سوى أرغفة عيش قديمة وبرطمان ليمون معصفر وبرطمان عسل تجمد فى الشتاء دليلا على جودته، وكنت أعانى فى كحته بالمعلقة لكى أفرشه على سطح الرغيف، ومع ذلك كله كنت سعيداً جداً لأن جدتى أعطتنى البرطمانين قبل نزولى من الإسكندرية إلى القاهرة وإلا لكنت ربما قد لجأت إلى التسول إسكاتاً لوحش الجوع، لماذا لم أفكر فى الانتحار يومها؟ ببساطة لأننى اخترت تلك الحياة القاسية بمحض إرادتى، تركت العيش المحتمل مع أهلى وقررت أن أطارد أحلامى، نعم كانت لدىّ أحلام وأيضاً كان لدىّ راديو، ولا أظن أن أحداً يستمع إلى إذاعتى البرنامج العام والشرق الأوسط يمكن أن ينتحر.
كلامى كئيب؟ طيب خذ عندك تفسيراً ألطف قليلاً، ربما لم أفكر فى الانتحار وأنا شاب مطحون لأننى جربته وأنا صبى بائس، الانتحار كان مرهقاً جداً، كنت فى التاسعة وقررت أن أهرب من تعاستى الأسرية بأن أبتلع كل ما يوجد من أدوية صلبة وسائلة كانت تشغل حيزاً كبيراً من (دولاب الأدوية) الذى كان ضرورة فى بيت مكتظ بالسكان، فعلتها وظللت أسفله ساعتين أنتظر الموت، لكنه لم يأت، وجاء مكانه مغص حقير تمنيت الموت لكى أرتاح منه ومن التأتيت الذى تعرضت له طيلة اليوم الذى استغرقته لغسيل معدتى، «عايز تموت كافر يا حيوان»، أمى قالتها لى وهى تحتضننى وتبكى، وأنا رددت عليها بما أمتلكه من معلومات دينية أحفظها وبكل ثبات لا يناسب التقطيع الذى تشهده معدتى «أموت كافر إزاى وأنا مابلغتش سن التكليف.. أنا كنت هاخش الجنة وأستريح»، لذلك ولذلك كله نصيحة من منتحر سابق: لا تجربوا الانتحار لأنه ليس مريحاً على الإطلاق فى حالة فشله.
عارف؟ قبل أيام وفى عز هوجة محاولات الانتحار التى أعقبت ثورة الشعب التونسى، طلب منى معد فى برنامج شهير أن أشارك فى حلقة يُفترض أن هدفها نصح الشباب بأن يتوقفوا عن التفكير فى الانتحار، المعد كان زميلاً لى فى الجامعة وزارنى مرة فى الشق الذى كنت أعيش فيه وقتها، العشم الذى بيننا جعلنى أشتمه وقلت له: «هل تتصور أننى يمكن أن أشارك فى دجل كهذا.. هل تريدنى أن أحدث الناس عن حرمانية الانتحار وعن حلاوة الأمل ثم أخرج من الاستديو لأركب سيارتى الفارهة وأعود إلى بيتى لآكل عشاء صحياً ثم أنام قرير العين»، لم أقل له هذا بالفصحى طبعاً، بل بعامية ممزوجة بشتائم يعاقب عليها القانون، والعشم الذى بيننا جعله يرد الشتيمة بأقذع منها قبل أن يسألنى: «طب ترشح مين يقول بقين حلوين عن الأمل واليأس؟».
الحكاية هكذا بالضبط، كل الذين يتحدثون الآن سواء بإخلاص أو بغير ذلك لا يقولون للناس سوى «بقين حلوين عن الأمل واليأس»، والمقرف أن الكل يتحدثون وكأن حكاية الانتحار سخطاً اختراع تونسى ابتكره المرحوم بإذن الله بوعزيزى وسمع به المصريون فجأة، والكل ينسى أن من لم يهزه انتحار عبدالحميد شتا فلا خير فيه.
ياه، أعرف أن النسيان آفتنا جميعا، ولكن أرجوكم لا تقولوا لى إنكم نسيتم عبدالحميد شتا، باحث الاقتصاد والعلوم السياسية، المجتهد الطموح، الذى انتحر لأنهم حرموه من كذا وظيفة مرموقة بوصفه «غير لائق اجتماعياً»، لأنه ببساطة «ابن ناس غلابة» يعيش فى بلد الثورة المجيدة، ثورة يوليو التى قام بها أولاد الفلاحين والعمال من أجل أن يصبح أولادهم بهوات لا يجرؤ ابن فلاح أو عامل على أن يحلم بحب إحدى بناتهم كما كان يحلم ابن الجناينى بإنجى.
انتحر عبدالحميد شتا، وهاجت الصحف على سيرته بضعة أيام أو قل بضعة أسابيع، ثم ماتت سيرته وماتت معها أسئلة خطيرة لم يكن ينبغى أن تموت أبداً: من الذى يحصل على أهم الوظائف فى الدولة، وهل مازالت هناك أماكن مرموقة تحت الشمس لابن فقير أو بسيط دون أن يلتحق بخدمة الأسياد أو يحصل على مباركتهم وزقة منهم، وأى سلم اجتماعى الذى نشأ فى مصر طيلة الخمسين عاماً الماضية؟، وإلى أى هاوية هبط بنا هذا السلم؟، وهل بات علينا ألا نكتفى بأن نحلم بالعودة إلى أهداف الثورة التى نحتفل بها كل عام، بل نوسع نطاق الحلم ليمتد إلى أيام ما قبل الثورة المجيدة عندما وصل إلى زعامة الأمة ابن نجار بسيط اسمه مصطفى النحاس ليصبح نداً للباشوات والإقطاعيين قبل أن يصبح قائدا لهم بمجهوده وكفاءته وتميزه وليس بانتخابات مزورة أو صدفة عبثية.
أذكر أننى بعد رحيل عبدالحميد شتا كتبت معالجة سينمائية عن قصته الحزينة وأسميتها «غير لائق اجتماعيا»، وظللت لمدة ثلاث سنوات أبحث عن فرصة إنتاجية لها دون جدوى، وكانت الجملة الوحيدة التى أسمعها من الجميع «ياراجل حرام عليك.. الفيلم غامق وماحدش هيخش يشوفه». طبعاً، صح، أعترف أن الفيلم غامق، ولن يكون أحد مضطراً للدخول لرؤيته فى دور العرض، لكن المشكلة أنه لم يعد فيلماً على الإطلاق، بل أصبح واقعاً لا تستوعبه أى دار عرض مهما كان اتساعها، الفيلم أغمق مما نتصور، ولا تنخدعوا بالالتباس الذى رافق قصة أو قصتين من قصص الراغبين فى الانتحار، ولا يخدعكم أنها كانت هوجة وستعبر فى ظل شعب يحب الحياة ويرضى بأى شكل من أشكالها، فالقادم أسوأ بكثير، ولن يكون انتحارا احتجاجيا بل سيكون مجتمعا يأكل بعضه بمليون طريقة وطريقة، ويخطئ كل من يتعامى عن هذه الحقيقة التى ينبغى أن تخيف الجميع أغنياء وفقراء.
لست محتاجا إلى فتوى شيخ لكى أعرف أن الانتحار ليس حلا ولا حلالا، لكنك عندما تشاهد على شاشة التليفزيون صوراً للشارع الذى خرج منه الشاب الإسكندرانى الذى انتحر حرقاً، وهو يطفح بالمجارى حتى حواف أبواب بيوته وينضح بالبؤس والتعاسة، تسأل نفسك لماذا قرر ذلك الشاب أن ينتحر بدلا من أن يأخذ كل من يعيشون معه فى ذلك الشارع البائس ليرموا أنفسهم وعيالهم وحالهم وهمهم أمام باب محافظ الإسكندرية لكى يجبروه على منحهم حقوقهم فى حياة آدمية كريمة، هل كانت الحكومة ستقتلهم جميعا، أو حتى هل كانت ستحبسهم جميعا، بالطبع لا، هم ببساطة لم يفعلوا ذلك لأن كل أبواب الاحتجاج السلمى تم تخويفهم منها، لأن هناك من قتل السياسة فى هذا البلد ظناً منه أن ذلك سيحقق الأمن لأسياده وشركائهم، لأن سكان ذلك الشارع لم يسمعوا عن أبى ذر الغفارى، فهو ليس محبوبا لدى المتشددين الذين فتحت لهم الحكومة أبواب المجتمع مشرعة لكى يعبثوا بعقول الناس، وليس محبوبا لدى المنبطحين الذين حولوا الدين إلى وظيفة يأكلون منها الشهد.
حسنا، المنتحر سيذهب إلى النار، شكرا يا مشايخنا الأجلاء على المعلومة القيمة، ولكن يا ترى هلّا أجبتمونا إلى أين سيذهب الشيوخ الذين يصمتون على ظلم الحكام واستبدادهم وفسادهم، وإلى أين سيذهب الحكام الذين يدفعون ببلادهم إلى التخلف والتطرف والجهل، إلى أين سيذهب اللصوص الذين يثرون من مناصبهم ثم يعلنون محبتهم لمصر ويدعون إلى عمل الخير، إلى أين سيذهب المنافقون والظلمة والجلادون، إلى أين سيذهب الذين يعذبون الناس بالكهرباء والذين يستبيحون حرمة البيوت والذين يقمعون المتظاهرين والذين يفسدون فى الأرض بعد إصلاحها والذين يزوّرون الانتخابات والذين ينشرون الجهل والذين يمسخون روح الفقراء والذين يصنعون فى كل بيت تاجر مخدرات ومدمناً وبلطجياً وفتاة ليل ومنتحراً بوسيلة أو بأخرى، هل سيذهبون إلى الجنة يا حضرات المشايخ؟
كل الكلام أرخص من معاناة الناس، ما الذى سيعنيه هذا الكلام لدى شاب فقد الأمل؟، لا شىء، حتى الذين يقرأون كلامى الآن هم مثلى أناس لديهم أمل ما، وإن بدوا يائسين، لو لم يكن لديهم أمل ولو ضئيل لما اشتروا الصحيفة أو حتى دخلوا إلى موقعها الإلكترونى، ببساطة كلنا بنكلم بعض، كلنا نفضل أن نقول «بُقين حلوين عن الأمل واليأس» مع أننا جميعا نعلم أين مشكلتنا، لكن بعضنا أجبن من أن يواجهوا أنفسهم بالحل.. طيب ما هو الحل، يمكن أن أقول لك على رأى النكتة الشهيرة: بسم الله الرحمن الرحيم: الإجابة تونس، لكن تجارب الشعوب لا ينفع معها «الكوبى والبيست» للأسف الشديد، ومع ذلك فالإجابة الوحيدة التى أعرفها أن هذه البلاد لابد أن تتغير، لأنه لا يمكن أن يكون المشروع القومى لهذه البلاد الآن هو إثبات أن الرئيس كان على حق طيلة الثلاثين سنة الماضية. باختصار حكام هذه البلاد لابد أن يرحلوا ويمنحوها فرصة جديدة، وإلا فإنهم باستمرارهم فى البقاء على كراسيهم يحاولون أن يمنعوا انتحار مئات من الشباب بينما هم يدفعون بلداً بأكمله إلى الانتحار.
ياه، أعرف أن النسيان آفتنا جميعا، ولكن أرجوكم لا تقولوا لى إنكم نسيتم عبدالحميد شتا، باحث الاقتصاد والعلوم السياسية، المجتهد الطموح، الذى انتحر لأنهم حرموه من كذا وظيفة مرموقة بوصفه «غير لائق اجتماعياً»، لأنه ببساطة «ابن ناس غلابة» يعيش فى بلد الثورة المجيدة، ثورة يوليو التى قام بها أولاد الفلاحين والعمال من أجل أن يصبح أولادهم بهوات لا يجرؤ ابن فلاح أو عامل على أن يحلم بحب إحدى بناتهم كما كان يحلم ابن الجناينى بإنجى.
انتحر عبدالحميد شتا، وهاجت الصحف على سيرته بضعة أيام أو قل بضعة أسابيع، ثم ماتت سيرته وماتت معها أسئلة خطيرة لم يكن ينبغى أن تموت أبداً: من الذى يحصل على أهم الوظائف فى الدولة، وهل مازالت هناك أماكن مرموقة تحت الشمس لابن فقير أو بسيط دون أن يلتحق بخدمة الأسياد أو يحصل على مباركتهم وزقة منهم، وأى سلم اجتماعى الذى نشأ فى مصر طيلة الخمسين عاماً الماضية؟، وإلى أى هاوية هبط بنا هذا السلم؟، وهل بات علينا ألا نكتفى بأن نحلم بالعودة إلى أهداف الثورة التى نحتفل بها كل عام، بل نوسع نطاق الحلم ليمتد إلى أيام ما قبل الثورة المجيدة عندما وصل إلى زعامة الأمة ابن نجار بسيط اسمه مصطفى النحاس ليصبح نداً للباشوات والإقطاعيين قبل أن يصبح قائدا لهم بمجهوده وكفاءته وتميزه وليس بانتخابات مزورة أو صدفة عبثية.
أذكر أننى بعد رحيل عبدالحميد شتا كتبت معالجة سينمائية عن قصته الحزينة وأسميتها «غير لائق اجتماعيا»، وظللت لمدة ثلاث سنوات أبحث عن فرصة إنتاجية لها دون جدوى، وكانت الجملة الوحيدة التى أسمعها من الجميع «ياراجل حرام عليك.. الفيلم غامق وماحدش هيخش يشوفه». طبعاً، صح، أعترف أن الفيلم غامق، ولن يكون أحد مضطراً للدخول لرؤيته فى دور العرض، لكن المشكلة أنه لم يعد فيلماً على الإطلاق، بل أصبح واقعاً لا تستوعبه أى دار عرض مهما كان اتساعها، الفيلم أغمق مما نتصور، ولا تنخدعوا بالالتباس الذى رافق قصة أو قصتين من قصص الراغبين فى الانتحار، ولا يخدعكم أنها كانت هوجة وستعبر فى ظل شعب يحب الحياة ويرضى بأى شكل من أشكالها، فالقادم أسوأ بكثير، ولن يكون انتحارا احتجاجيا بل سيكون مجتمعا يأكل بعضه بمليون طريقة وطريقة، ويخطئ كل من يتعامى عن هذه الحقيقة التى ينبغى أن تخيف الجميع أغنياء وفقراء.
لست محتاجا إلى فتوى شيخ لكى أعرف أن الانتحار ليس حلا ولا حلالا، لكنك عندما تشاهد على شاشة التليفزيون صوراً للشارع الذى خرج منه الشاب الإسكندرانى الذى انتحر حرقاً، وهو يطفح بالمجارى حتى حواف أبواب بيوته وينضح بالبؤس والتعاسة، تسأل نفسك لماذا قرر ذلك الشاب أن ينتحر بدلا من أن يأخذ كل من يعيشون معه فى ذلك الشارع البائس ليرموا أنفسهم وعيالهم وحالهم وهمهم أمام باب محافظ الإسكندرية لكى يجبروه على منحهم حقوقهم فى حياة آدمية كريمة، هل كانت الحكومة ستقتلهم جميعا، أو حتى هل كانت ستحبسهم جميعا، بالطبع لا، هم ببساطة لم يفعلوا ذلك لأن كل أبواب الاحتجاج السلمى تم تخويفهم منها، لأن هناك من قتل السياسة فى هذا البلد ظناً منه أن ذلك سيحقق الأمن لأسياده وشركائهم، لأن سكان ذلك الشارع لم يسمعوا عن أبى ذر الغفارى، فهو ليس محبوبا لدى المتشددين الذين فتحت لهم الحكومة أبواب المجتمع مشرعة لكى يعبثوا بعقول الناس، وليس محبوبا لدى المنبطحين الذين حولوا الدين إلى وظيفة يأكلون منها الشهد.
حسنا، المنتحر سيذهب إلى النار، شكرا يا مشايخنا الأجلاء على المعلومة القيمة، ولكن يا ترى هلّا أجبتمونا إلى أين سيذهب الشيوخ الذين يصمتون على ظلم الحكام واستبدادهم وفسادهم، وإلى أين سيذهب الحكام الذين يدفعون ببلادهم إلى التخلف والتطرف والجهل، إلى أين سيذهب اللصوص الذين يثرون من مناصبهم ثم يعلنون محبتهم لمصر ويدعون إلى عمل الخير، إلى أين سيذهب المنافقون والظلمة والجلادون، إلى أين سيذهب الذين يعذبون الناس بالكهرباء والذين يستبيحون حرمة البيوت والذين يقمعون المتظاهرين والذين يفسدون فى الأرض بعد إصلاحها والذين يزوّرون الانتخابات والذين ينشرون الجهل والذين يمسخون روح الفقراء والذين يصنعون فى كل بيت تاجر مخدرات ومدمناً وبلطجياً وفتاة ليل ومنتحراً بوسيلة أو بأخرى، هل سيذهبون إلى الجنة يا حضرات المشايخ؟
كل الكلام أرخص من معاناة الناس، ما الذى سيعنيه هذا الكلام لدى شاب فقد الأمل؟، لا شىء، حتى الذين يقرأون كلامى الآن هم مثلى أناس لديهم أمل ما، وإن بدوا يائسين، لو لم يكن لديهم أمل ولو ضئيل لما اشتروا الصحيفة أو حتى دخلوا إلى موقعها الإلكترونى، ببساطة كلنا بنكلم بعض، كلنا نفضل أن نقول «بُقين حلوين عن الأمل واليأس» مع أننا جميعا نعلم أين مشكلتنا، لكن بعضنا أجبن من أن يواجهوا أنفسهم بالحل.. طيب ما هو الحل، يمكن أن أقول لك على رأى النكتة الشهيرة: بسم الله الرحمن الرحيم: الإجابة تونس، لكن تجارب الشعوب لا ينفع معها «الكوبى والبيست» للأسف الشديد، ومع ذلك فالإجابة الوحيدة التى أعرفها أن هذه البلاد لابد أن تتغير، لأنه لا يمكن أن يكون المشروع القومى لهذه البلاد الآن هو إثبات أن الرئيس كان على حق طيلة الثلاثين سنة الماضية. باختصار حكام هذه البلاد لابد أن يرحلوا ويمنحوها فرصة جديدة، وإلا فإنهم باستمرارهم فى البقاء على كراسيهم يحاولون أن يمنعوا انتحار مئات من الشباب بينما هم يدفعون بلداً بأكمله إلى الانتحار.
«أبوذر» يظهر أمام مجلس الشعب
ردحذف