الاثنين، 26 يوليو 2010

الخطاب التاريخي المرتقب


• أيها الإخوة المواطنون ننتقل الآن إلي إذاعة خارجية من ميدان المنشية في مدينة الإنتاج الإعلامي لننقل لكم الخطاب التاريخي المرتقب فإلي هناك.

بسم الله الرحمن الرحيم «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسي أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسي أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لاتعلمون» صدق الله العظيم.

يا أبناء شعبنا العظيم، لقد اتخذت قراراً وأرجو أن تعينونني عليه. (صوت من داخل القاعة: لاتتنحي.. لاتتنحي) ومين جاب سيرة التنحي.. استنوا شوية.. الخطبة طويلة لسه طويلة.. لقد قررت أن أقطع جميع العلاقات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن فاض بنا الكيل بعد تدخلاتها في شؤوننا الداخلية ..
لقد كنا كرماء للغاية مع الولايات المتحدة علي مدي الثلاثين عاماً الماضية.. سلمنا بأن تسعة وتسعين في المائة من أوراق اللعبة في يدها.. وقعنا كل اتفاقيات السلام التي دعت لها، ووافقنا علي كل الشروط المجحفة التي بها.. تخلينا عن السياسات الاشتراكية في الاقتصاد، وتحولنا إلي نظام رأسمالي رسمت لنا معالمه.
. دعتنا إلي حرب الخليج فلبينا، وأرسلنا خيرة أبنائنا إلي هناك متحملين هجوماً شرساً لم يسبق له مثيل، وقمعنا المظاهرات التي قامت احتجاجا علي ذلك.. سنة بعد سنة استجبنا لكل الطلبات الأمريكية في مناهج التعليم..
فتحنا بلادنا علي مصراعيها للمطاعم الأمريكية، والملابس الأمريكية، والأفلام الأمريكية، والأغاني الأمريكية، والمسلسلات الأمريكية، وجميع رموز الثقافة الأمريكية.. بدأنا تنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية علي أوسع نطاق، فألغينا الاستفتاءات الرئاسية التي كنا ننجح بها آمنين مطمئنين، واستبدلناها بانتخابات ينافسنا فيها اللي يسوي واللي ما يسواش.. فعلنا كل هذا راضين طائعين صابرين قانتين وحريصين علي ألا نقف ضد أقوي قوة في العالم، لأنه لم يعد مكان في عالمنا للعنتريات الفارغة.
. لكن للصبر حدود.. ويبدو أننا قد بلغنا آخر الصبر مع أمريكا التي لم يكفها أننا قمنا بكل ماسبق من أجلها في زمن قياسي لم تقم به أي دولة في العالم.. فأخذت تحتج علي أننا نقوم بضرب أبناء وطننا بالأحذية، وسحلهم في الشوارع، وتعرية بنات جلدتنا من ملابسهن، وهتك أعراضهن، وسوقهن إلي البوكسات كما تساق النعاج.. لقد تعدت أمريكا بمثل هذه الاحتجاجات خطاً أحمر لايمكن لنا أن نقبل به أبداً.. إننا يمكن أن نفتح قناة السويس لما شاءت أمريكا من حاملات وطائرات وبوارج لتضرب إخوتنا في العراق..
يمكن أن نسمح لها بأن تملي علينا كل ماتريد من إجراءات اقتصادية وتجبرنا علي توقيع اتفاقية الكويز للتعاون القسري مع إسرائيل.. يمكن أن نسمح لها بأن تفعل ماتشاء في المنطقة وأن تستخدمنا لكي نكون شرطيها الخاص، لكن لا يمكن أبدا أن نسمح لها بأن تعترض علي سحلنا لمواطنينا.. لأن سحل الدولة لأبنائها قرار وطني سيادي.. لقد تجاوزت حدك أيها الدولة الغاشمة..
هل وصل بك الأمر إلي أن تمنعينا من ضرب مواطنينا بالأحذية وفرق الكاراتيه والعصي الكهربائية.. لا.. أفيقي من غفلتك يا أمريكا، فوالله لن نقبل أبداً تدخلك هذا ولن نسمح أبدا بأن تمنعينا من لذة عظيمة مثل هذه.. خذي ماشئت من امتيازات سياسية وسيادية واقتصادية واجتماعية وثقافية..
خذي السماء والأرض والموارد والمصادر والثروات بل وخذي أعيننا إن شئت.. لكن اتركي لنا مواطنينا نسحلهم كيفما شئنا.... خلي بيننا وبين شعبنا نفعل به ماشئنا، فنحن وحدنا نعرف مصلحته ونحن وحدنا نعرف مايسعده ومايشقيه.. إنني أوجه تحذيراً نهائياً للولايات المتحدة الأمريكية أن تتوقف عن أي تدخل فيما تقوم به قوات الأمن تجاه أبناء بلادنا وتكتفي بالتدخل في كل شيء آخر.. وإلا فإننا سنشن عليها حرباً لا هوادة فيها، والله أكبر فوق كيد المعتدي والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».
ستعتبرني هازلاً لأنني تخيلت خطاباً تاريخياً مثل هذا. لكنك لن تظن بي هزلاً أو عبثاً إذا كنت - قبل أن تنكشف أنباء الزيارة الخاطفة الغامضة لجمال مبارك إلي واشنطن - قد استمعت إلي عشرات التصريحات التي أطلقها كبار المسؤولين ضد أمريكا وعلي رأسها التصريح الشهير بأن «أمريكا تنتقدنا لأننا لانسمع الكلام»،
وهو التصريح الذي جعل ملايين المواطنين يشعرون بأنهم كانوا بايتين بره مصر طيلة الثلاثين عاما الماضية، فقد كنا جميعاً متأكدين أننا نسمع الكلام بحذافيره، كما كنا نظن أننا نتلقي معونة من أمريكا، لكن تصريحاً نارياً آخر أكد لنا أن مانأخذه من دولارات لانعلم أين تذهب ليس سوي ثمن لمصالحنا المشتركة مع أمريكا وليس معونة لاسمح الله.

أيضا كنا نظن أن سياستنا ترتكز كما قيل لنا علي الواقعية السياسية التي تدرك أن أمريكا هي أكبر قوة عظمي في العالم، ولامصلحة لنا في مناطحتها ومقارعتها، لكن قراءة المقالات النارية التي يكتبها حراس معابد الصحف القومية ضد أمريكا جعلتنا نتساءل عن الفرق بينها وبين صحف البعث والثورة وتشرين وصوت فنزويلا وأنباء طهران وأخبار بوليفيا والمسائي الكوبي وغيرها من صحف الدول التي نتهمها دائماً بالشطط والانفلات والرعونة، صحيح أن حراس معابد صحفنا القومية كتبوا بأيديهم التي تستاهل لفها - مشيها لفها - معلقات شعر في مديح أمريكا ومتانة علاقاتنا التاريخية معها، لكن يجب أن نتذكر أن أمريكا لم تكن وقتها قد ارتكبت خطيئتها التاريخية بالغضب لمواطنينا المسحولين أرضاً.

هل غضب أمريكا لوجه الله والحقيقة والإنسانية؟ هل يحق لها أن تحتج علي سحل مواطنينا وهي تمارس ذات السحل في جوانتانامو وأبو غريب وغيرهما من المعتقلات السرية؟ هل يمكن لوطني صادق أن يسمح لنفسه بالاستقواء بحكام أمريكا؟ هل حكام أمريكا يمكن أن يناصروا صاحب قضية أو مبدأ؟ بالطبع «لا» هي الإجابة عن كل التساؤلات السابقة، فالمتغطي بالأمريكان عريان،
وماجبناش ولم يثبت علي أنفاسنا هذه الأنظمة المتعفنة سوي حكام أمريكا. لكن هذا ليس المهم الآن، المهم أننا أصبحنا نعادي أمريكا ليس لأننا قررنا إنتاج قنبلة ذرية، وليس لأننا أصبحنا أصحاب قرار سياسي مستقل وقررنا أن نحرمها من كل الامتيازات السيادية والسياسية والاقتصادية في بلادنا، وليس لأننا قررنا أن ننفتح أكثر علي دول أهم ليس لها مطامع توسع وهيمنة مثل الصين واليابان ونمور آسيا،
وليس لأننا قررنا أن نرفض كل الاتفاقيات الاقتصادية التي لم تجلب لنا سوي الخراب والفساد وأكل مال النبي، لا وحياتك، نحن نعادي أمريكا الآن لأنها تحتج علي قمع قضاتنا وسحل مواطنينا وهتك أعراض بناتنا، يااااه ده احنا جامدين قوي.. في الخيبة القوية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق