الاثنين، 2 أغسطس 2010

الفرق بين دخلة مؤتمر الحزب الوطنى و دخلات الأعياد والمناسبات المصرية


تميز دخلة مؤتمر الحزب الوطنى عن باقى دخلات الأعياد والمناسبات المصرية بأنها لا تتطلب ذهاب  المصريين إلى القرافة، فهى تأتى إليهم بنفسها على الهواء.
فى أيامه المباركات تصبح إن أردت أسعد من على بابا، لأن حضورك المؤتمر لا يتطلب أن تقول افتح ياسمسم، بل يكفى أن تفتح قناة المحور، وفى أيامه أيضا تصبح الكذبة الحكومية بعشر أمثالها، ويكون فتحك لوقائعه على الهواء كمثل فتح عشر قنوات تركية معا فيما سواه.
الفرق أنك لو فتحت القنوات التركية أنت الذى تستمتع، بينما لو فتحت على المؤتمر أعضاؤه هم الذين يستمتعون. فى أيام المؤتمر يكتمل «تبويض» البلاد، وتبدأ دورة حياة جديدة للوهم، وتتفتح براعم التوريث، وتنشط الغدة النخامية المسؤولة عن إفراز التصريحات لدى قيادات الحزب، وعلى رأسهم أمينه العام السيد صفوت الشريف.
عن نفسى أدهشنى المجهود الفائق الذى بذله سيادته فى سيل الحوارات الذى أطلقه علينا فى جميع وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمشمومة.
لفت انتباهى قدرته الفائقة على عدم تكرار نفسه فى الحوارات، حيث لم يقل فى أى منها شيئا له معنى، مع أنه كعادته لم يخلف فى أى منها أثرا يمسك عليه، اللهم إلا عندما قال فى إحدى الحوارات إن حزبه يمثل الفقراء والمهمشين، دون أن يدرك أن الأصح لغويا إضافة حرف الباء إلى كلمة الفقراء، ليصبح المعنى أصدق وأدق.
فى حوار آخر جاء الخطأ مني المجلة التى حاورته وليس منه، فقد قال سيادته عنوانا خطيرا اختارته مجلة الإذاعة والتليفزيون عنوانا رئيسيا «صفوت الشريف: لا مكان فى الوطنى لمستغل أو فاسد»، لكنها لم تسأله ما إذا كان يقصد باستخدام «أو» التخيير أن هناك داخل الحزب مكانا للاثنين معًا.
بالمناسبة، كان لى صديق فيلسوف، بأقوال المتشائمين شغوف، يأسه من إنصلاح أحوال البلاد خنقنى منه، فجعلنى أقطع علاقتى به تماما، وهو احترم ذلك، فأعرض ونأى بجانبه، حتى وجدته فجأة ودون مقدمات يقبل من جديد على وعلى الحياة والبلد والناس.
ابتسامته صارت أعرض من خيبتنا. لسانه لا يلهج إلا بالأغانى المتفائلة، ويده اليمنى ترفض دعوة اليسرى لها بأن تحول التليفزيون عن قناة المحور، التى تعرض وقائع مؤتمر الحزب الوطنى.
ربكم والحق أنا ظننت أن ما حدث له بعض من أعراض دواء الاكتئاب، الذى وصفه له طبيبه برغم نزول الدواء والطبيب على جدول المخدرات، لكنه فى جلسة مصارحة كاشفنى بأنه يعتقد أن الأمل مثل الحب يصيب الإنسان فجأة، بعكس اليأس الذى هو مثل التفاهم يأتى بالعشرة.
سألته عما أصابه بالأمل لكى تعم الفائدة على من فقده من الفاقدين من أصحابنا، فقال لى إنه أصيب بالأمل بعد أن تابع ما حدث للسياح المخطوفين مؤخرا فى جنوب مصر، وكيف كانوا على شفا الموت، ثم فجأة وجدوا أنفسهم كما ولدتهم أمهاتهم أحرارا، ثم أشار بإصبعه إلى المجتمعين فى المؤتمر المبثوث علينا، وارتسمت على وجهه ابتسامة كابتسامة جاك نيكلسون فى فيلم «شايننج»، ثم قال بصوت كالفحيح: «أنا بقى من ساعتها عندى أمل إنهم يسيبونا فجأة من غير مفاوضات ولا فدية».
ـ من ناحية أخرى، أسعدنى حضور الأستاذ المحاسب جمال مبارك لندوة مكافحة الإدمان، التى عقدها الحزب الوطنى الديمقراطى. وسائل إعلام كثيرة غطت الندوة، لكن أيا منها لم يبين لنا ما إذا كانت الندوة قد اقترحت علاجا ناجعا لنوع خطير من الإدمان يهدد مستقبل الوطن، هو إدمان السلطة.
ـ أخيرا، لم أفهم استياء البعض من مشاركة مصر بوفد رسمى فى احتفالات فرنسا بذكرى الحملة الفرنسية على مصر، كنت أظن أننا تجاوزنا هذه العقدة من زمان، عندما تفوقنا على الفرنسيين بكثير، بدليل أن زعيم فرنسا نابليون بونابرت زار مصر مرة فى العمر، بينما زعيمنا يزور باريس كل سنة ثلاث مرات.
قلت ذلك لصديق من أهل العدل والقسطاس، فرأى أننى نسيت أن أرصد ملمحًا مهمًا هو دور الزعيمين فى تغيير وجه مصر الحضارى، حيث أدخل نابليون إليها المطبعة، وأدخل الرئيس مبارك إليها التوك توك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق